ضمن خطّتها التطويريّة التي تشمل إدخال كلّ ما هو جديد في عالم
الطباعة وسعياً منها لمواكبة التطوّر الخاصّ في هذا المجال وضرورة
الاستفادة من التقنيّات الحديثة، قامت مطبعةُ ودار الكفيل للطباعة
والنشر والتوزيع التابعة للعتبة العبّاسية المقدّسة على إدخال تقنية
طباعيّة حديثة وهي طباعة المخطوطات طبق الأصل (Facsimile)، وهي من
التقنيّات التي يشهدها العراق لأوّل مرّة على صعيد الطباعة وذلك من
أجل الحفاظ على الأصول الخطّية وتداول المصوّرات بين الباحثين بدلاً
من النسخ الأصليّة، فضلاً عن توفير نسخٍ بديلة عن الأصول المخطوطة
تحسّباً لتلفها أو فقدانها.
مديرُ المطبعة الأستاذ فراس الإبراهيمي بيّن من جانبه لشبكة الكفيل:
"هذه الخطوة التي خطتها المطبعةُ بكوادرها العراقيّة تأتي من أجل
الحفاظ على أصول المخطوطات وبالأخصّ النادرة منها، وإتاحة مجالٍ أوسع
للباحثين والمحقّقين على وجه الخصوص بالغور في أعماق هذا التراث
الثرّ، وما شجّعنا على ذلك أيضاً هو امتلاك العتبة العبّاسية المقدّسة
على كمٍّ هائل من المخطوطات والكادر المختصّ بهذا المجال، فكانت
تجربتنا الأولى التي وُفّقنا بها هي لمخطوطة كتاب (مختصر المراسم
العلويّة) للمحقّق الحلّي (ت 676هـ) التي صدرت عن مركز تراث
الحلّة".
وأضاف: "عملنا جاهدين على أن تكون النسخة المطبوعة شبيهة بالنسخة
المخطوطة بنسبةٍ كبيرة جدّاً تصل الى (90%) من ناحية الخطّ والشكل
العامّ لها بصغائر جزئيّاتها، حيث تمّت معالجة صور المخطوطة باستخدام
برامج كمبيوتريّة خاصّة قرّبتها من الواقع بنسبةٍ كبيرة جدّاً،
وجعلتها متناغمة مع الألوان الطباعيّة ونوعيّة الورق وتحسين درجة وضوح
الخطوط ونقائها وكثافة ظلّها وتركيز اللّون حسب كلّ صفحة، وقمنا كذلك
بتغليفها بغلافٍ شبيهٍ بلون جلد المخطوطة الأصليّ مصنوعٍ من خامات ذات
مناشئ عالمية لتجعل الباحث أو المحقّق كأنّه يتصفّح مخطوطةً أصليّة من
الغلاف الى الغلاف، مع الأخذ بنظر الاعتبار توضيح بعض الكلمات أو
الأحرف التي تعرّضت للتلف أو المسح، وهذه الأعمال برمّتها تحتاج الى
دقّة متناهية ووقتٍ كبير من أجل الخروج بمخرجات طباعيّة تجمع القيمة
العلميّة مع وضوح الخطّ وجمال النَّسْخ وتوفير نسختين، إحداها طبق
الأصل والأخرى معدّلة محسّنة محقّقة".
يُذكر أنّ إنشاء مشروع دار الكفيل للطباعة والنشر والتوزيع يأتي ضمن
استراتيجيّة العتبة العبّاسية المقدّسة في تحقيق الاكتفاء الذاتيّ،
وتحقيق آليّة الاعتماد على الإمكانيّات المتوفّرة من أجل طباعة الكتب
والمجلّات والصحف، والمساهمة في نشر الثقافة وتوفير المادّة المقروءة
بشكلٍ يخدم المؤلِّف من جهة والناشر من جهةٍ أخرى من خلال رفع الجودة
وتقليل الكلفة، وقد تمّ تزويدُها بأحدث المكائن والمعدّات الطباعيّة
من مناشئ عالمية، لتلبية الاحتياجات الطباعيّة للعتبة المقدّسة
والمؤسّسات الأخرى من نشراتٍ وكتبٍ ومجلّات وبوسترات وغيرها بمواصفاتٍ
فنيّة ودقّة عالية.